إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده من المعاصي معصوماًَ، ولا تجعل معنا ولا فينا شقياً ولا محروماً.
أما بعد:
يقول الله تبارك وتعالى: ((
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)) [فاطر:15] ويقول جل شأنه كما روى ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الحديث القدسي: {
يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً}.
فالله تبارك وتعالى غنيٌ عنا، ونحن الفقراء المحتاجون إليه، وإنَّ أحوج ما نحتاج إليه في حياتنا الدنيا وفي حياتنا الأخرى، هو الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لأنه لا نجاح لنا ولا فلاح ولا سعادة ولا طمأنينة لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة، ولا في أنفسنا، ولا في أسرنا، ومجتمعنا، وأمتنا إلا بالإيمان بالله تبارك وتعالى.
والله تبارك وتعالى من رحمته بعباده، ومن لطفه، ومن كرمه وعظيم منّه، لم يتركنا هملاً ويدعنا عبثاً، بل أرسل إلينا رسولاً بين لنا الإيمان، وأوضح لنا الطريق، وأبان لنا الحجة، وأظهر الله تبارك وتعالى به دينه على العالمين، وبيَّن لنا ما يسعدنا وما فيه فلاحنا في الدنيا والآخرة، فإذا اتبعنا ما أنزله الله تبارك وتعالى على هذا النبي الأمي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتمسكنا به؛ تغير حالنا من الذل إلى العز، ومن الشتات والفرقة إلى الألفة والمحبة، ومن الهزيمة إلى النصر، ومن الضياع والتشرد إلى الاستقامة والتقوى، ويحدث التغير الذي لا يمكن أن يحدث في أي مجتمع ولا في أية أمة إلا بالإيمان بالله تبارك وتعالى.
وإن ما تعيشه أمتنا الإسلامية اليوم شرقاً وغرباًُ، لجدير بكل مسلم أن يقف عنده، وأن يتأمله، وأن يفكر في أسبابه ودواعيه، وبالتالي يبحث عن الحل الذي لا حل غيره، وهو الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن كل ما نعانيه من الأمراض ومن الأدواء ومن العلل لا يكون شفاؤها ودواؤها إلا بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.